خالد القيش... أهلاً بالعميد

بعض الناس ينجحون لأنهم محظوظون، ولكن معظم الناجحين قد نجحوا لأنهم كانوا مصممين على ذلك.
هذا ما قاله "هنري فان ديك" عن النجاح، الذي لا يأتي إلا بالتعب والجهد والإصرار وتحدي الذات في كافة مجالات الحياة.

وهذا ما عمل عليه النجم  "خالد القيش" منذ بداية مسيرته الفنية، ففي كل مرة كان يستحوذ على إعجاب الجمهور والنقاد لما يقدمه في الدراما السورية، وإن كانت مشاركاته في أدوار ثانية أو ثالثة، ولكن لظهوره الدرامي حمل عشق وشغف للمهنة  كان يترجم بسلاسة في تقمص شخصياته.

وبخطواته التي يخطوها بتأنٍ واضح وروية تسلق النجاح، فتمكن من ترسيخ موهبته  في أذهان المشاهدين، من خلال أدوار عدة منحته ثقة كل من يحب الفن ويقدر مبدعيه.

واليوم يسجل هدفاً سحيقاً في مرمى الدراما والنجومية، وضعه في مصاف النجم الأول بجدارة وعن استحقاق يشهد له الجميع.

فطعم النجاح هذه المرة له رونق مختلف، مع شخصية الضابط عصام شاهين من خلال مسلسل  "دقيقة صمت"  (شوقي الماجري/سامر رضوان)،  العميد عصام المحرك الرئيسي لأحداث القصة والذي يملك بيده خيوط اللعبة، فهو من يخلق الحدث ويصنعه ويستبعد عنه من يشكل الخطر عليه، بفضل الفراسة والذكاء وروح القيادة التي تتمتع بها الشخصية.

ليست المرة الأولى التي يرتدي بها القيش عباءة رجل السلطة، فسبق وأن قدم شخصية رجل الشرطة في مسلسل  "شتاء ساخن" 2009 (فراس دهني/فؤاد حميرة)  بدور الملازم خلدون الذي يعيش صراع بين واجبه تجاه وطنه ومهنته الأمنية وأبيه وكيل "عباس النوري"  المجرم الفار من العدالة. 

عشر سنوات مرت على شخصية الملازم خلدون، واليوم يعيد نجمنا التجربة في تجسيد دور أحد رجال الفساد في سلك الشرطة. ولكن هذه المرة بنضج فكري ملحوظ في قراءة النص ورؤية إبداعية في بناء الشخصية بعوالمها الداخلية والخارجية أيضاً، حيث اشتغل على تغيير ملامحه لصالح ملامح جديدة  تناسب دوراً علما جيداً إن أكرمه من جهده وتركيزه، سيمنحه بالمقابل الكثير.  فيشعرك أنه لايمثل فقط بما يملك من أدواته كممثل،  وإنما يمثل بشعر رأسه وشاربه، وببدلته العسكرية والرسمية أيضاً، وبصوته الجهوري الرجولي الذي يرن بقوة ويصدح بعنفوان في أرجاء المكان،  فأظهر الرجل بكاريزماتية ساحرة جذبت المشاهد.
في بادئ الأمر تتوقع  أن تكره عصام  وتنتظر وقوعه وأنت تراقب، الأمر الذي لم يحصل بل أحببنا عصام وقبلنا بعقد صفقة مع الشر والمضي معه في حبكة روايته ليصل شاطئ الأمان.  يعرف كيف يلعب على الوتر الحساس لدى الجمهور،  بتبنيه الصادق لعصام وطرحه له بإنسانيته في بعض المواقف، فرغم فساده يلفتك بمبادئ حافظ عليها، لم يقتلها كلها،  لايتعامل برياء مع الرجولة يهتم لأخلاقيات من يصدقوه القول والفعل.  يعزف ببراعة متقنة على سلم الأداء الفني ضابطاً انفعالاته المختلفة،  كأن حدوده يرسمها بالقلم والمسطرة لا استعراضات مجانية، قادراً على أن يوازي بين أفعاله الحسية والسلوكية بإيقاع متناهي مع لغة جسده.  يتعامل بذكاء ودهاء مع الحكاية، ببصيرة متقدة تمنحه رؤية جيدة، لذلك لا يمكن أن ترتعد فرائصه من الربح والنجاح.

"خالد القيش"  يسطر نجاحه بأداء من نار حلق به إلى العلا، في عمل سيترك أثره في ذاكرة الجمهور والتلفزيون على مدى بعيد.

كلمة أخيرة... أهلاً بعميد الدراما السورية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماريا ديب "أم عمار" ذاكرة الجمهور ومايطلبه...

ميس حرب لدي الامكانيات لتقديم المختلف وسأدخل عالم الرواية

#قيس_الشيخ_نجيب حرامي أضواء